كلام العدل

موضوع: كلام العدل السبت أكتوبر 16, 2010 7:25 am

في البداية علينا ان نوضح حقيقة، ان الدول العربية جميعها دون استثناء تنقسم الى فئة قليلة حاكمة ممثلة في الحكام والسلطات الحاكمة، والاغلبية مسيرة ممثلة في المجتمعات العربية، والمشاركة السياسية في ادارة الشؤون العامة كالتمثيل السياسي مثلا، اما معدومة كما هو الحال في بعض الانظمة العسكرية، او التي تتدعي الثورية، او هي مسألة هامشية شكلية عديمة الفاعلية، ولا يختلف الحال عن ذلك في الانظمة العائلية والعشائرية، او تلك الانظمة التي تدعي الديمقراطية فهي عملية رمزية، وهذا يعني ببساطة شديدة ان المشاركة السياسية من قبل الشعوب في ادارة شؤون دولها تتراوح بين الشكلية والرمزية والانعدام.
وفي ضوء هذه الوضعية نشأت حالة لا يوجد فيها تساوي في الحقوق والواجبات، فالحكام والسلطات الحاكمة لديها حقوق وليس عليها واجبات، اوحتى مسؤوليات تترتب على وضعها او مركزها السلطوي، والشعوب العربية عليها واجبات وليس لديها حقوق الا تلك التي يتفضل بها الحكام او السلطات الحاكمة، وهذا يتطلب البحث في مفهومي العدل والحرية، ومدى حقيقة وجود تنمية في العالم العربي.

العدل:
في ظل الاوضاع التي تعيشها الشعوب والمجتمعات العربية يغيب مقهوم العدل، وما يرتبط به من استقرار سياسي، الذي يدفع بدوره نحو التنمية الانسانية والاقتصادية لكي يصل المواطن الى مستوى الرخاء والرفاهية.
واذا كان مفهوم العدل من وجهة نظر البعض هو امر نسبي، الا ان هناك قدرا كبير من الاتفاق لدى معظم المجتمعات الانسانية عموما، على وجود الحد الادنى من العدل الذي يخلق حالة من القبول والرضى بالامر الواقع، ويقلل الى درجة كبيرة من السخط ومخاطر الاضطراب وعدم الاستقرار السياسي.
في العالم العربي لاعدل امام القانون بين من هم في الحكم والسلطة، وبين بقية المجتمع.
كما لا يوجد عدل في تكافؤ الفرص بسبب مسألة الولاء للحاكم او السلطة الحاكمة، التي اصبحت هي المعيار الوحيد للوصول الى كل شيء والحصول على كل شيء، اما بقية المعايير والمقاييس كالكفاءة والجدار والاهلية والخبرة والعلم فلا قيمة لها او انها لا ترقى الى مستوى معيار الولاء.
ايضا لا عدل في توزيع الثروة بين فئة قليلة حاكمة تستاثر بكل شيء، وبين اغلبية لاهثة تعيش على الفتات او تتصارع على ما هو متاح.
ان غياب العدل او تهميش دوره لن يقود الى مجرد الاحساس بالظلم، بل بوقوع الظلم نفسه واذا عم الظلم فلا امن ولا طمأنينة ولا استقرار.

الحرية:
هي عنصر مهم في معادلة الاستقرار، لان الانسان المقيد يسعى دائما لفك القيود والاغلال التي تكبله وتغيير الوضعية القائمة، مع كل ما يترتب على ذلك من خلق حالة عدم الاستقرار، فالحرية تعني حق الاختيار وحق التصرف في الحدود المتعارف عليها من قبل المجتمع، وتعني ايضا تعدد المتاح للمواطن او للانسان للاختيار من بين جملة من البدائل والافكار، وتعني اكثر من اي شيء آخر حرية الارادة الانسانية.
في العالم العربي للاسف الشديد الارادة الانسانية للمواطن، هي اما مسلوبة بالكامل او جرى تطويعها وتجريدها، ارغم هذا المواطن العربي على الطاعة والتكيف والتأقلم، والبدائل امامه غير متاحة او هي محدودة في اختيار وحيد وبديل واحد فقط، هذه الحدود والقيوم على الحرية لا بد ان تؤدي مع مرور الزمن الى خلق حالة من عدم الاستقرار وفي النهاية تقود الى العنف.

التنمية:
يتسائل كثيرون عن مغزى تعثر التنمية في شقيها الانساني والاقتصادي في العالم العربي، رغم مرور اكثر من نصف قرن على تحرر واستقلال البلاد العربية من ربقة الاستعمار الاجنبي، والتمعن الدقيق في واقع العالم العربي الراهن يكشف مدى التردي والتخلف الذي تعيشه الشعوب والمجتمعات العربية، بما فيها تلك التي تنعم بالثروة البترولية وذلك على النحو التالي:

اولا: التطور الانساني في مجال الارتقاء بمستوى وحياة الانسان العربي انسانيا وحضاريا ما زال عند حدوده الدنيا مقارنة ببعض المجتمعات الاخرى التي مرت بظروف مشابهة بعالمنا العربي.
ثانيا: ان المشكلات التي تعاني منها الشعوب والمجتمعات العربية لم تحل بعد، لا في مجال الغذاء او الكساء او السكن او المواصلات ولا حتى في مجالات التعليم.
ثالثا: رغم انتشار التعليم والمدارس والجامعات وتعدد اوجه التعليم العالي، الا ان الانسان العربي يرضخ لمنهجية التلقين التقليدي والتطويع الحكومي من دون ان يرتقى بهذا الانسان الى دائرة التفكير والابداع والابتكار والانتاج.
رابعا: ان توفر القوى البشرية والثروة المادية في عدد من الدول العربية لم يؤد الى حل مشاكلها، بل جرى اهدار الطاقات المادية والبشرية، وتبذيرها وتسخيرها في مجالات غير ذات جوى، وينعكس كل ذلك في ظاهرة تراكم الديون والبطالة والتحول من مجتمعات منتجة الى مجتمعات مستهلكة.
ان غياب العدل والحرية وما يترتب عليهما من خلق حالة عدم الاستقرار كفيلة بان تمنع او تؤجل اي تنمية على المستويين الانساني والاقتصادي، وبالتالي فان استقرار العدل يفرز بدوره التطور الانساني والاقتصادي، اما الاستقرار القائم على القوة فلن يفرز الا سيطرة وما قد تؤدي اليه هذه السيطرة من اضطراب وخلل وعدم استقرار.
ان المفقود في العالم العربي هو ذلك التحول، الذي ينبغي ان يطرأ على العلاقات الاجتماعية حكاما ومحكومين، من خلال اعادة بلورة مفهومي العدل والحرية على المستويين النظري والتطبيقي، فضلا عن تحقق تطور نوعي او كمي في مجال التنمية الانسانية والاقتصادية، باعتبار ذلك وحده الكفيل بنقل هذه العلاقات داخل المجتمعات العربية، من كونها علاقات قائمة على القهر والعنف، او حتى فرض الامر الواقع الى علاقات قائمة على الحوار والنقاش، واستلهام قيم وقواعد ومبادئ دينية وانسانية وحضارية مشتركة ومجمع عليها.

السلام عليكم ورحمة الله

موضوع جميل ومفيد ويعبر عن الحالة المأساوية التي نعيش

شكرا لهذا الطرح

» شعر كلام العدل حصريا
» هل تعرف ما هو منتدى كلام العدل ... ؟
» العدل العدل klamal3dl
» هل المراهقه من اصطناعنا أم ماذا... كلام له وزنه ..
» عضوية العدل