مرشحون يخوضون الانتخابات لعدة دورات وتجربة الفشل تحفزهم للتكرار

غيب «أبو احمد» عن الترشح لدورةالانتخابات النيابية الحالية بعد أن دأب على خوضها 5 دورات متتالية منذانتخاب أول مجلس نواب بعد استعادة الحياة الديمقراطية في المملكة عام 1989بالرغم من عدم تمكنه من الظفر بأي مقعد نيابي.
غياب «أبو احمد» وهو«اسم غير حقيقي للشخصية الحقيقية مثار التحقيق» لم يكن مرده أسباب سياسيةتتعلق بسير الانتخابات أو قانونها أو لأخرى متصلة بجانب اقتصادي يتعلقبحالته المادية الميسورة أو حتى اجتماعية باعتباره ينتمي لعشيرة اعتادتعلى الإجماع عليه طيلة تلك الدورات.
ولكن الغياب جاء لسبب شخصي بحتيعود لقهر المرض الذي تمكن من أبو احمد واجبره على عدم خوض الانتخاباتلدورتها الحالية بعد أن بلغ من العمر عتيا.
حكاية تكرر ترشح أبو احمدتشابه نماذج عديدة لشخصيات في محافظة أربد وباقي مدن وأرياف وبواديالمملكة التي اعتادت على خوض الانتخابات النيابية لعدة دورات دون أنيحالفها فرصة الفوز بالمقعد البرلماني.
ومع ذلك منها من لا يزال يصرعلى محاولته دون الالتفات إلى حجم قواعده التي لم تمكنه من تحقيق الطموحالأمر الذي يجعل التساؤل مشروعا حول جدوى وجدية هؤلاء بأسباب تكررترشحهم!.
وتشير القراءات في جداول أسماء المرشحين في محافظة اربدلدورات انتخابات 2003 ، 2007 ، 2010 ، إلى وجود ما لا يقل عن 41 مرشحاومرشحة خاضوا دورتين أو ثلاثاً من تلك الدورات الانتخابية منهم 13 مرشحاتتالى ترشيحهم لهذه الدورات الثلاثة ، في حين استطاع 15 منهم الوصول إلىقبة البرلمان مع وجود استثناءات لبعضهم على صعيد الترشح تعود لعام 1989دون أن يحالفهم الحظ.
والذاكرة الانتخابية زاخرة بأسماء عديدة خاضتالانتخابات أتيح لبعضها الظفر بفرصة وحيدة بالمقعد النيابي ومنهم من جربلمرات عديدة بدون نجاح ، وآخرين ترشحوا بخلاف قرار عشيرته التي أفرزته أولمرة وأوصلته لقبة البرلمان مما احدث خللا اجتماعيا جوهره الشروخاتالعشائرية نتيجة زحزحة التحالفات بسبب الخلافات حول قراءة الخارطةالانتخابية.
متابعون ومراقبون للمشهد الانتخابي في محافظة إربد التيتسجل فيها خلال الدورة الانتخابات الحالية أعلى عدد مرشحين بعد العاصمةعمان بواقع 154 مرشحا ومرشحة يتوزعون في 9 دوائر انتخابية لإفراز 17 نائبا، يعزون تكرر ترشح أسماء معينة لدورات متتالية غالبيتها لم تحظ بفرصةالفوز إلى عوامل اجتماعية ، بعضها مرتكزة لغياب الموضوعية في مؤسسية بعضالعشائر التي منها من يوالي كبير العشيرة الراغب بالترشح ، وأخرى تفتتهاالانقسامات الداخلية فيما بينها إلى جانب خلافاتها مع عشائر أخرى فيدائرتها الانتخابية.
ووفقا للقراءات فان محافظة اربد يترشح لسباقانتخاباتها للدورة الحالية 13 نائبا من المجلس السابق،على الرغم من أن بعضهؤلاء لم يحظ بفرصة الإجماع من عشيرته وهو ما حفز بعض ذوي القربى لهمللترشح كرد فعل على عدم انصياع هؤلاء للإجماع العشائري.
ويشيرالمراقبون إلى أن تلك الحالة أفرزت ظاهرة ما يسمى ب»النكايات الانتخابية»من خلال طرح المرشحين المعروف مسبقا عدم قدرتهم على الفوز بالمقعد النيابي، لافتين إلى أن تلك النكايات تكون موجهة لمرشح أو مرشحين من نفس العشيرةأو تكون غايتها إسقاط مرشح عشيرة أخرى.
ولا يستبعد مراقبون للشأنالانتخابي وجود دوافع وراء تكرار ترشح البعض في الدورات النيابية ، غايتهاإسقاط مرشحين في الانتخابات أو الاتفاق على تحالفات انتخابية مستقبلية ،فيما لا يغفل أصحاب التماس بالشأن الانتخابي عامل الحرص من البعض على حبالظهور الاجتماعي من بوابة الانتخابات.
الخوض في حالة نقاش في قضيةتكرار الترشح دون فائدة قاد البعض إلى الاحتجاج على موجبات طرح القضية منقبل «الرأي» على اعتبار أنها تسيء لحقهم المشروع في الترشح ، وبعضهم واناثر الخوض فيها إلا انه رفض الإشارة إليه من بعيد أو قريب أو حتى الإيماءإليه، لكن بعضهم ردها لخبرات اكتسبها على صعيد تكرار الترشح واعتقاده بانالانتخابات تجارب يمكن للمرء الاستفادة من مفاصل الفشل فيها وتجييرهالنجاحات مستقبلا ، لكن اغلب تركيزهم انصب حول تدخلات اعتبروها رسمية حالتدون نجاح فرص الإفادة من التجربة « في إشارة إلى الأحاديث المتداولة حولانتخابات 2007 « ، متجنبين الخوض في أسباب الفشل في الدورات النيابيةالسابقة!!.
مرشح خاض الانتخابات لثلاث دورات متتالية آخرها الدورةالحالية اعتبر أن « مسألة تكرار نفسه لا يمكن ردها إلى غاية حصوله علىمنافع شخصية « ، مؤكدا أن الفشل وان تكرر للمرشح فانه يوسع قاعدتهالانتخابية مما يجعل الأمل بالفوز مطروحا مستقبلا.
احد النوابالسابقين ، طلب عدم ذكر اسمه المح إلى وجود دوافع سياسية تغلفها المصلحةالشخصية عند بعض متكرري الترشح للانتخابات كالطموح بتبوأ منصب رفيع.
وأشارإلى أن البعض يبقى لديه هذا الطموح حتى وان لم يحالفه الفوز في عدة دوراتمن باب القناعة بإرضائه يوما ما بهذا المنصب في سبيل تحييده عن المشهدالانتخابي.
ويفسر أستاذ علم الاجتماع في جامعة اليرموك الدكتور عبدالعزيز الخزاعلة ظاهرة متكرري الترشح إلى حرص هؤلاء على وضع أنفسهم ضمنقائمة الأشخاص الساعين للدخول إلى مجلس النواب الذي يمثل نخبة المجتمع ،خاصة مع تكرر اسمه من خلال وسائل الإعلام والدعاية الانتخابية وأحاديثالناس لهذا الغرض بما يجعله في الواجهة المجتمعية حسب اعتقاده.
ويزيدبان المرشح يجد من خلال ترشحه للانتخابات وسيلة لزيادة مساحة تحاوره معالآخرين من الناس والمسؤولين من صناع القرار الذين يحاول من خلال الترشحتذكيرهم دوما بأنه موجود ، في إشارة إلى ما يطمح إليه البعض من تحقيقمكاسب شخصية من وراء الترشيح.
ويعزو الخزاعلة أسباب تفشي تلك الظاهرةالانتخابية إلى غياب التنظيمات الحزبية الفاعلة القادرة على إقناعالجماهير ببرامجها ، يعززها الانقسامات العشائرية والمناكفات الاجتماعيةالتي يغيب عنها طابع العمل العشائري المؤسسي في اغلب الحالات.
عموما ،فان ظاهرة تكرار الترشح يبدو أنها مسألة شائكة تتداخل فيها منظوماتالمجتمع بعاداته وتقاليده ومشاحناته وغايات المرشح وحب الذات وضعف الآلياتالتنظيمية العشائرية منها والحزبية ،وتحتاج حسب البعض إلى «صحوة اجتماعية»للخروج من حالة عبر عنها احد المرشحين في معرض تفسيره لتكرار ترشحه لعدةدورات بان «التكرار للشطار «!.